https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjR55-B8oCBA3ysxGsdXcB5OPLbW1RzH6Jlij576XN8zuxxc5QRch581l3WwRJ2pM2yBNT_O0_QN39eJaguOXLPyaknNEkFbG6qGmyJHMvsNR7-1C5jMAI0Mj0C9U_PARBgJeFDKgghH9XS/s1600/Untitled-1.jpg

 

هذه المدونة تابعة لمنتدى مما قرأت واعجبني , لزياره المنتدى إضغط هنـــــــــــــا

الأربعاء، 30 مارس 2011

العالم والشاعر


العالم والشاعر

قالت الحية للحسون : (( ما أجمل طيرانك أيها الحسون ! ولكن حبذا لو أنك تنسلّ
إلى ثقوب الأرض وأوكارها . حيث تختلج عصارة الحياة في هدوء وسكون! ))

فأجابها الحسون وقال : (( أي وربي ! إنك واسعة المعرفة بعيدتها ، بل انت
أحكم جميع المخلوقات ، ولكن حبذا لو أنك تطيرين )) .

فقالت الحية كأنها لم تسمع شيئاً : (( مسكين أنت أيّها الحسون ! فأنك
لا تستطيع أن تبصر أسرار العمق مثلي ، ولا تقدر أن تتخطر في خزائن المماليك
الخفية ، فترى أسرارها ومحتواياتها ، أما أنا فلا أبعد بك ، فقد كنت في الأمس
متكئة في كهف من الياقوت الأحمر أشبه بقلب رمانة ناضجة ، وأضأل الأشعة
تحولها إلى وردةٍ من نور .
فمن أعطي سواي في هذا العالم أن يرى مثل هذه الغرائب ؟ )) .


فقال لها الحسون : (( بالصواب قد حكمت أيتها الحكيمة ، فلا أحد إلاك يستطيع
أن يفترش ما تبلور من تذكارات العصور ، وآثار الدهور . ولكن وا أسفاه ،
فأنك لا تغردين ! )) .


فقالت الحية : (( إنني أعرف نباتاً تمتدّ جذوره إلى أحشاء الأرض ، وكل من
يأكل من تلك الجذور يصير أجمل من عشتروت )) .


فأجابها الحسون قائلاً (( لا أحد ، إلاك قد أهتدى إلى حسر القناع عن فكر
الأرض السحري . ولكن واأسفاه ، فأنك لا تطيرين ! ))


فقالت الحية : (( وأعرف جدولاً أرجوانياً يجري تحت جبل عظيم ، وكلّ من يشرب
من هذا الجدول يصير خالداً خلود الآلة . وليس بين الطير أو الحيوان من أهتدى
إلى ذلك الجدول سواي )) .


فأجاب الحسون وقال (( بلى والله . فإن في منالك أن تكوني خالدة مثل الآلة
لو شئت . ولكن واأسفاة ، فأنك لا تغردين ! )) .


فقالت الحية (( وأعرف هيكلاً مطموراً تحت تراب الأرض ، لم يهتد إليه باحث أو
منقب بعد ، أزوره مرة في الشهر ، وهو من بناء جبابرة الأزمنة الغابرة .
وقد نقشت على جدرانه أسرار جميع الأزمنة والأمكنة ، وكل من يقرأها ويفهمها
يوازي الآلهة في العقل والمعرفة )) .


فأجابها الحسون قائلاً (( بلى أيتها الحكيمة العزيزة ، فإنك لو شئت لاستطعت
أن تكتنفي بلين جسدك جميع معارف الأجيال . ولكنك وا أسفاه ، لا تقدرين
أن تطيري )) .


فاشمأزت الحية إذ ذاك من حديثه ، وارتدت عنه إلى وكرها وهي تبربر
في ذاتها قائلة :
(( قبحه الله من غرّيد فارغ الرأس !!! )) .


أما الحسون فطار وهو يغني بأعلى صوته قائلاً :

واأسفاه، إنك لا تغردين ! واأسفاه، واأسفاه ياحكيمتي، فإنك لا تطيرين


لــ جبران خليل
Share انشر الموضوع على الفيس بوك

Subscribe اكتب ايميلك هنا وبعدها اضغط على كلمه

بعد اشتراكك توجه فورا الى بريدك هتلاقي رساله بعنوان :فعل اشتراكك في موقع مما قرات افتحها وفعل اشتراكك ودي اهم خطوه علشان يوصلك جديدنا ... من غيرها كانك ماشتركتش خالص

المشاركات الشائعة