كانت هذه أهدافي عندما ذهبت هذ الصباح الى احدى محاكم القاهرة لكى انهى الاوراق المطلوبة لاستخراج إعلان الوراثة الخاص بأبي
فكنت اعتقد ان الحياة فى المحكمة كما نشاهدها فى التلفاز
او كما نقرأها فى الجرائد اليومية
ولكن اخطأت فى هذا الاعتقاد
فكل شئ هناك مختلف من محامين وقضاه
...وحتى ابسط الناس عامل الكافتيريا الخاص بالمحكمة
الذى كان لا يجلس بسبب كثرة الطلبات التى تقبل عليه
ولن اكذب عليكم و فقد كانت معى احد الوسائط كما يقال (( انت معاك واسطه )) وهو ابن عمتي يعمل فى وكيل قسم قلم النيابة كما يقال له
فجلست انتظره داخل احدى القاعات وكانت قاعة خبراء الاسرة , التى يأتى اليها كل شخص يريد فتح قضيه جديده فى قضايا الاسرة مثل الطلاق والخلع والنفقة وغيرها من القضايا التى اصبحت لا تخلو من كل حى
ولم اكن اعلم ان هذه المكتب هو المكتب الخاص بذلك
وفى الوقت الذى كنت استمتع فيه بشراب العصير الساقع الذى احضر لى
ظهرت الساعقه .....
-------
دخلت احدى السيدات التى كانت فى مقتبل العمر (( حوالى 29 سنه ))
الى مكتب الخبراء وكان المكتب مكون من مكتبين موضوع كل منهم بجانب الاخر وفى الوسط كان هناك ((انتريه))
وبجوار كل مكتب يوجد كرسي وتربيزة صغيرة توضع عليها الاوراق الغير مهمه
وكانت هناك سيده جالسه على إحدى المكاتب وهى من المسؤلين فى المكتب
وعندما دخلت هذه السيده قالت للاخرى كيف ارفع قضية (( خلع )) على زوجي
فقالت لها الخبيرة :: تريدين رفع قضية خلع --- فردت عليها السيدة قائلة نعم اريد
ثم نظرت اليها الخبيرة وقالت : احضرِ صورة بطاقه لكِ وسوف افتح قضيه جديده عندما تأتى
فذهبت هذه السيدة وأتت بعد بضع دقائق وهى تحمل في يديها صورة البطاقة وجلست
-------
الاسم -كانت هذه اول كلمة تقولها الخبيرة الاسرية للسيدة
الاسم .....(( اى انسانه ))..... السن 29 سنه
العنوان ...(( فى اى مكان فى مصر )).......
اسم المدعى عليه (( اى انسان هو الاخر ))
عدد الاولاد (( بنت وعمرها عامين ونصف))
اسمها (( رحمة وهو اسمها الحقيقي))ثم توجهت لها الخبيرة بالسؤال الصائب
لماذا تريدين ان ترفعي هذه القضية على زوجك
فبدأت السيدة تروى قصتها
فهى من اسرة بسيطه تعيش حياة هى الاخرى بسيطه
وكانت تتمنى ان تتزوج من انسان يكون هو نعم الزوج لها
ولكن تأتى الحياة بالامتحانات الصاخبة التى لابد لنا ان نتعلم منها
فكانت تحكى وهى تكاد تنفجر دموعها على خديها وكيف كانت تعيش معه حياة سعيده
حتى رزقهم الله بالطفلة رحمة وكانت بالنسبه لها ليست رحمة وانما عذاب لها
فاصبح يضربها ويكاد ان يمزقها
ووصفت كيف كان يقبحها بالالفاظ المميتة التى لا يستطيع ان يتحملها انسان
وكيف طرقها لمدة احدى عشر شهر بدون ان يسئل عنها ولا عن حال طفلتهما
فلم تجد خيارا اخر غير اللجوء الى القضاء وخصوصا الخلع لكىِ تتخلص من هذه الحياة المهينة لها
ثم توقفت السيده عن الكلام .... فتوجهت الخبيرة لها بسؤال ليس بموضعه قائلة
اليس هناك اى نوع من انواع التصالح من الممكن ان يحدث
فظهرت ابتسامه على وجة السيدة قائله(( والله يا استاذه لو كان فى مجال للصلح مش كنت اتاخرت كفايه ان معايا بنت عمرها 2ونصف
بس انا مش قادره استحمل ولا قادرة اعيش تانى معاه انا بموت كل يوم لما كنت معاه )) كانت هذه كلماتها باللغه العمية التى لا اريد ان اغيرها لانها كانت بمثابة لى ضربة قاضية وللخبيرة هى الاخرى .
ثم خطت الخبيرة اخر كلماتها فى الوثيقه الدعائية ووضعت القلم بجوار الوثيقة وقالة للسيدة تفضلي بالامضاء هنا
ثم ذهبت .....
هذه احدى احداث اليوم الذى كان بمثابة لى نقلة فى عالم الواقع وخصوصا فى عالم الحياة التى لا نعرف عنها الكثير
وكيف نقول اقوال لا نعلم هل ستطبق فى هذه الحياه ام لا
وكيف نتمنى اشياء لا تحدث بسبب انفسنا التى تسعى الى تخريب الحياة التى تعيشها
وكيف نضطر فى بعض الاحيان الى الهروب والتخلص من العيش بعدة طرق
وكيف انتهى حلم رحمه الطفلة الصغيرة التى لم يتعدى عمرها العامين والنصف مع اول يوم انطلقت فيه الى الحياة
وكيف نكتب عن احاسيس نستشعرها ونوجها لغيرنا ونحن انفسنا لا نطبقها الا فى احلامنا
وكيف وكيف وكيف الى ما لا نهايه من كيف .....
فارجو التفكير قبل التنفيذ
وانتظروا اشياء قادمه