الوردة لا تعرف أنها
وردة. تشاهدها النحلة، فتُعجب بها،
وترقص لها رقصة الحب الأولى. تسكب فى أذنها كلمات
الغزل.
تقول: «أنت أجمل زهرة فى الدنيا. على كثرة ما شاهدت من الزهور لم أر مثلك. ما أعذب رحيقك العذب وأندى أوراقك!!. أيتها الياقوتة
ذات الخد الوردى، يا فريدة عصرك وحسناء زمانك،
ارحمينى بوصالك».
وتصدق الوردة المسكينة لأنها تريد أن تصدق، وتسمع ما تود سماعه. تقع الزهرة
فى الحب، تتفتح أوراقها، تعرف الزهور الأخريات
أنها عاشقة. يتهامسون عنها. تنادى النحلة باللون والرائحة.
تفتح لها كل الأبواب، تبيحها الرحيق العذب وعذرية
الأوراق.
تحط النحلة آمنة، تمتص الرحيق بشراهة، ثم تحلق فى الهواء لتبدأ نفس القصة مع زهرة أخرى. ولا يعرف أحد مشاعر الزهرة المهجورة.
أذكر أننى كنت فى الحديقة
متكئاً على جذع شجرة، حين لاحظت نشاطا
غير عادى بين القطط. فى البدء كانت تحيرنى مثل هذه
الظواهر، ثم
فهمت أنها مواسم الحب تحتفل بها الخلائق. كانت القطة الحسناء
تتغندر على
غصون الشجر ومن خلفها الذكور المتحمسة، اقتربت منى فى دلال
وقالت: أنا
جميلة ومقطقطة وأجنن، أنا حسناء القطط وأميرة الأقمار السبعة!.
نظرت إليها فى إشفاق وقد تحرك فى قلبى شىء. كانت جميلة وسعيدة
وغافلة.
لا تدرى ما هو آت حين يفرغ القط
الوغد من شهوته وينصرف. ينصرف وكأنه لم ينفق
الليالى
الطوال فى تعقّبها. وتبقى القطة المهجورة عاجزة عن الفهم شاعرة بانعدام الثقة وجرح الكرامة. تتذكر الأيام الجميلة التى ذهبت
إلى غير رجعة. أين ليالى الوصل أين؟،
وحين قال لها على غصون
الشجرة، التى تبارك الحب: «لو هجرتنى سأموت
بسببك!». تخيلت وقتها أنها إحدى مناورات الحب، لكنه
لم يتبعها
حين هربت فى مرح، عادت إليه، فشاهدته يبكى. تحركت فيها روح
الأمومة
الرحيمة والتصقت به. قال لها: «لا حياة لى بدونك». وقال لها أيضا: «أحبك إلى الأبد». فكيف نسى العهد الغليظ بهذه السرعة!.
كل هذا سيحدث فيما بعد.
الحلوة الآن تتغندر. دعها تتغندر. دعها تعش أيامها
الجميلة قبل أن تأتى متاعب الحمل
ولحظات الولادة العسيرة، ثم رحمة الأمومة، التى
ستنسيها كل
ذكور العالم حين ترى القطيطات الصغيرات يخرجن من رحمها إلى نور العالم ورحمته، لتتكرر القصة القديمة فى أجيال أخرى.
هذه هى لعبة الحياة، فما
أجملها، وهذه هى لعبة الحياة، فما أقساها!.
د. أيمن الجندى
Share انشر الموضوع على الفيس بوك
وردة. تشاهدها النحلة، فتُعجب بها،
وترقص لها رقصة الحب الأولى. تسكب فى أذنها كلمات
الغزل.
تقول: «أنت أجمل زهرة فى الدنيا. على كثرة ما شاهدت من الزهور لم أر مثلك. ما أعذب رحيقك العذب وأندى أوراقك!!. أيتها الياقوتة
ذات الخد الوردى، يا فريدة عصرك وحسناء زمانك،
ارحمينى بوصالك».
وتصدق الوردة المسكينة لأنها تريد أن تصدق، وتسمع ما تود سماعه. تقع الزهرة
فى الحب، تتفتح أوراقها، تعرف الزهور الأخريات
أنها عاشقة. يتهامسون عنها. تنادى النحلة باللون والرائحة.
تفتح لها كل الأبواب، تبيحها الرحيق العذب وعذرية
الأوراق.
تحط النحلة آمنة، تمتص الرحيق بشراهة، ثم تحلق فى الهواء لتبدأ نفس القصة مع زهرة أخرى. ولا يعرف أحد مشاعر الزهرة المهجورة.
أذكر أننى كنت فى الحديقة
متكئاً على جذع شجرة، حين لاحظت نشاطا
غير عادى بين القطط. فى البدء كانت تحيرنى مثل هذه
الظواهر، ثم
فهمت أنها مواسم الحب تحتفل بها الخلائق. كانت القطة الحسناء
تتغندر على
غصون الشجر ومن خلفها الذكور المتحمسة، اقتربت منى فى دلال
وقالت: أنا
جميلة ومقطقطة وأجنن، أنا حسناء القطط وأميرة الأقمار السبعة!.
نظرت إليها فى إشفاق وقد تحرك فى قلبى شىء. كانت جميلة وسعيدة
وغافلة.
لا تدرى ما هو آت حين يفرغ القط
الوغد من شهوته وينصرف. ينصرف وكأنه لم ينفق
الليالى
الطوال فى تعقّبها. وتبقى القطة المهجورة عاجزة عن الفهم شاعرة بانعدام الثقة وجرح الكرامة. تتذكر الأيام الجميلة التى ذهبت
إلى غير رجعة. أين ليالى الوصل أين؟،
وحين قال لها على غصون
الشجرة، التى تبارك الحب: «لو هجرتنى سأموت
بسببك!». تخيلت وقتها أنها إحدى مناورات الحب، لكنه
لم يتبعها
حين هربت فى مرح، عادت إليه، فشاهدته يبكى. تحركت فيها روح
الأمومة
الرحيمة والتصقت به. قال لها: «لا حياة لى بدونك». وقال لها أيضا: «أحبك إلى الأبد». فكيف نسى العهد الغليظ بهذه السرعة!.
كل هذا سيحدث فيما بعد.
الحلوة الآن تتغندر. دعها تتغندر. دعها تعش أيامها
الجميلة قبل أن تأتى متاعب الحمل
ولحظات الولادة العسيرة، ثم رحمة الأمومة، التى
ستنسيها كل
ذكور العالم حين ترى القطيطات الصغيرات يخرجن من رحمها إلى نور العالم ورحمته، لتتكرر القصة القديمة فى أجيال أخرى.
هذه هى لعبة الحياة، فما
أجملها، وهذه هى لعبة الحياة، فما أقساها!.
د. أيمن الجندى